سورة الإسراء - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} تكنها وتحول دونها عن إدراك الحق وقبوله. {أَن يَفْقَهُوهُ} كراهة أن يفقهوه، ويجوز أن يكون مفعولاً لما دل عليه قوله: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أي منعناهم أن يفقهوه. {وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا} يمنعهم عن استماعه. ولما كان القرآن معجزاً من حيث اللفظ والمعنى أثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى وإدراك اللفظ. {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ} واحداً غير مشفوع به آلهتهم، مصدر وقع موقع الحال وأصله يحد وحده بمعنى واحداً وحده. {وَلَّوْاْ على أدبارهم نُفُوراً} هرباً من استماع التوحيد ونفرة أو تولية، ويجوز أن يكون جمع نافر كقاعد وقعود.


{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} بسببه ولأجله من الهزء بك وبالقرآن. {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ظرف ل {أَعْلَمُ} وكذا. {وَإِذْ هُمْ نجوى} أي نحن أعلم بغرضهم من الاستماع حين هم مستمعون إليك مضمرون له وحين هم ذوو نجوى يتناجون به، و{نجوى} مصدر ويحتمل أن يكون جمع نجى. {إِذْ يَقُولُ الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا} مقدر باذكر، أو بدل من {إِذْ هُمْ نجوى} على وضع {الظالمون} موضع الضمير للدلالة على أن تناجيهم بقولهم هذا من باب الظلم، والمسحور هو الذي سُحِرَ فزال عقله. وقيل الذي له سحر وهو الرئة أي إلا رجلاً يتنفس ويأكل ويشرب مثلكم.


{انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال} مثلوك بالشاعر والساحر والكاهن والمجنون. {فُضّلُواْ} عن الحق في جميع ذلك. {فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} إلى طعن موجه فيتهافتون ويخبطون كالمتحير في أمره لا يدري ما يصنع أو إلى الرشاد. {وَقَالُواْ أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا} حطاماً. {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} على الإِنكار والاستبعاد لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم، من المباعدة والمنافاة، والعامل في إذا ما دل عليه مبعوثون لا نفسه لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها و{خَلْقاً} مصدر أو حال.
{قُلْ} جواباً لهم. {كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً}.
{أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ} أي مما يكبر عندكم عن قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها، فإن قدرته تعالى لا تقصر عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض، فكيف إذا كنتم عظاماً مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد. {فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الذى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وَكُنتم تراباً وما هو أبعد منه من الحياة. {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاء. {وَيَقُولُونَ متى هُوَ قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} فإن كل ما هو آت قريب، وانتصابه على الخبر أو الظرف أي يكون في زمان قريب، و{أَن يَكُونَ} اسم {عَسَى} أو خبره والاسم مضمر.
{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ} أي يوم يبعثكم فتنبعثون، استعار لهما الدعاء والاستجابة للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما، وأن المقصود منهما الإحضار للمحاسبة والجزاء. {بِحَمْدِهِ} حال منهم أي حامدين الله تعالى على كمال قدرته كما قيل إنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، أو منقادين لبعثه انقياد الحامدين عليه. {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} وتستقصرون مدة لبثكم في القبور كالذي مر على قرية، أو مدة حياتكم لما ترون من الهول.
{وَقُل لِّعِبَادِى} يعني المؤمنين. {يَقُولُواْ التى هِىَ أَحْسَنُ} الكلمة التي هي أحسن ولا يخاشنوا المشركين. {إِنَّ الشيطان يَنزِعُ بَيْنَهُمْ} يهيج بينهم المراء والشر فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد. {إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا} ظاهر العداوة.
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ} تفسير ل {التى هِىَ أَحْسَنُ} وما بينهما اعتراض أي قولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار، فإنه يهيجهم على الشر مع أن ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلا الله. {وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} موكولاً إليك أمرهم تقسرهم على الإِيمان وإنما أرسلناك مبشراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم. وروي أن المشركين أفرطوا في إيذائهم فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت.
وقيل شتم عمر رضي الله تعالى عنه رجل منهم فهم به فأمره الله بالعفو.
{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السموات والأرض} وبأحوالهم فيختار منهم لنبوته وولايته من يشاء، وهو رد لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبياً، وأن يكون العراة الجوع أصحابه. {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ} بالفضائل النفسانية والتبري عن العلائق الجسمانية، لا بكثرة الأموال والأتباع حتى داود عليه الصلاة والسلام فإن شرفه بما أوحى إليه من الكتاب لا بما أوتيه من الملك. قيل هو إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: {وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً} تنبيه على وجه تفضيله وهو أنه خاتم الأنبياء وأمته خير الأمم المدلول عليه بما كتب في الزبور من أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، وتنكيره هاهنا وتعريفه في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزبور} لأنه في الأصل فعول للمفعول كالحلوب، أو المصدر كالقبول ويؤيده قراءة حمزة بالضم وهو كالعباس أو الفضل، أو لأن المراد وآتينا داود بعض الزبر، أو بعضاً من الزبور فيه ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13